ريحانيات
حوار جيلين
مجموعة قصصية مشتركة
بين إدريس الصغير ومحمد سعيد الريحاني
باب محمد سعيد الريحاني
النص الثاني
أحلام الظهيرة
"لقد تساءلت فيما مضى عن منشأ الجبال فعرفت
أخيرا أنها نهدت من البحار كما تشهد صخورها وجروف
ذرواتها فما يبلغ الأعلى مقامه إلا لآنطلاقته من المقام
الأدنى."
فريديريك نيتشه،
هكذا تكلم زرادشت
(الترجمة العربية) ص. 180
العجوز : ( مستغربة ) : عدت باكرا،
اليوم !
الشيخ : لا
حطب بعد اليوم...
العجوز : لماذا ؟ !
الشيخ :
(يتهالك على الفراش ، متأففا) : الذين أطلقوا الخنازير
في الغابة غرسوا البارحة علامات تمنع ولوج الغابة أو استغلالها حفاظا على سلامتنا
وسلامة الخنازير… هذا ما قاله حارس الغابة.
ثم أسدل جفنيه
للاستمتاع بفرصة القيلولة.
يرتاح...
شفتاه تنفرجان
قليلا قليلا.
فمه بلا أنياب:
مجرد فراغات ونتوءات من لحم يتدلى عند نهايتها حلق قصير بدأ أولى ارتجاجاته على
إيقاع الشخير الخجول....
الخـط الأحمـر :
"هنا يبدأ الخط الأحمر"، هكذا
قال مالك الغابة وهو يشمشم حواليه
بأنفه الأفطس مثل خنزير. يفرك خطمه. الذباب يفترسه.
يركل بقوائمه على الأرض. يلوح بذنبه. يحرك جلده لطرد الذباب. يشمشم
دائما حواليه. يرفع خطمه
ليخيرني:"سلامتك أو موتك" . ثم يستدير ماشيا بثبات. جسمه المترهل
يرتج شحما ولحما يتوقف قرب الحظيرة. ويضرب بظلفه الموحلة على
جدارها راسما مثلثين. يوقف لي إحدى
أذنيه تحذيرا : "خياران: سلامتك
أو موتك ". ثم يغيب في غياهب الحظيرة.
التحــدي
:
الأرض ترتعش تحت قدمي على إيقاع الخنزير الهائج
ورائي. أرمي الفأس من يدي. وأركض. الهدير
لا يمهلني. أجري داخل ركام الحطب الذي كومته. داخل الأعشاب المتوحشة. أجري. الأرض تهتز تحت قدمي. زعيق الخنزير الغاضب
يلاحقني. أجـري. أراوغ الأشجار التي تعترض سبيلي.
الأرض ترتج أكثر فأكثر. الأرض تتشقق .تتصدع. تنفلق.
تبتلع الزهور والأشواك. أقفز قبل أن تبتلعني.
أطير نحو شجرة قريبة. أتسلق جذعها.
الزلزال شديد في الأسفل. الأشجار تتساقط واحدة واحدة. الزلزال الآن يساوم شجرتي. رجاته في عظامي. أتعلق
بغيمة تائهة. اقفز إلى بياضها وأرتااااااح...
الأعالــي :
" مرحبا بكم في عالمنا "، حروف بيضاء على
لوحة عالية وسط هذه المقبرة اللانهائية حيث تتجول الخنازير بهدوء وسكينة وتتبول
على القبور بلا مبالاة. القبور ترتج سخطا.
اللعنات المخنوقة تسمع هنا وهناك تحت الأرض. هدير السخط يتصاعد تحت القبور...
الهدير
الهدير
الهدير
ينفجر القبر الأول. تنتصب داخله جثة غاضبة. ينفجر
القبر الثاني. الثالث. العاشر.
الألف... تثور ثائرة الموتى. يقفزون جميعا خارج لحودهم. ينحنحون توقف الخنازير
بولها على القبور. تتراجع خائفة. تفر. تتناطح في فرارها من هيجان
الموتى وإيقاع الشعر :
ركبت عـلى القصـر |
صبتو خال
كيصفـر |
وسـبـــب خـلاه |
جاي
من صرصـــر |
الصوت الشاعري المأزوم يستقطب الأموات جميعا. الجثت
تتحلق حول الشاعر على قمة جبل صرصر.
الشعر يسحر موتى العصور ويعبث بألوان النـهر الخالد، وادي المخازن. مياهه شفافة ؟ برتقالية ؟
حمراء ؟ قانـية
؟ ســــوداء؟... النهر يمتلئ
سوادا. يمتلئ. يمتلئ. سطح الماء يداعب حاشية السد المنيع. الجثت على قمة صرصر تنتظر الانفجار الأعظم. تعد بجنون للطوفان الأخير :
سبعة...
ستة...
تلوح بالأيادي والقمصان تهليلا للإرادة الإلهية :
خمسة...
أربعة...
تعد بهستيريا لتشذيب
الكون :
ثلاثة...
اثنان...
واحد...
بوووووووووم!
ويتدفـق
اللعـاب
خاثـرا،
بطيئا علـى خـد الشيخ الغارق في النوم والــشـخير الرتيب.
فهرس المجموعة القصصية
خريطة الموقع
جميع
الحقوق محفوظة للمؤلف
ALL RIGHTS RESERVED
e-mail : saidraihani@hotmail.com
<title>http://www.raihanyat.com/arabicversion-shortstory7-index.htm</title>
<meta name="description" content="حوار جيلين، مجموعة قصصية مشتركة بين محمد
سعيد الريحاني وإدريس الصغير
<meta
name="keywords" content=" أضمومة، مجموعة
قصصية مشتركة">