رَيْحَانِيَاتٌ

 

 

أنقر على الصورة لتكبير غلاف الكتاب

 

"أربعون 40 حوارا مع مُحَمّد سَعِيد الرَّيْحَانِي"

 

سلسلةُ حوارات شاملة أجراها الشاعر المغربي أنس الفيلالي

 

 

 

 

محمد شكري كما أراهُ

 

 

 

 

 

سؤال: حددت في عدد من الحوارات الصحفية التي أجريت معك خرائط عربية وعالمية للأدب. تماشيا مع هذا المنطق، هل يمكن الحديث عن خرائط للأدباء عامة وكتاب السرد خاصة؟

 

جواب: ينضج المبدعون حين يتملكون أخيرا "جهاز استقبال" ل"قوة الكتابة" التي لا يمكن لأحد تحديد مصدرها ولا تعيين غايتها ولو أن الجميع يعلم بأنها تستعمل المؤلف لأداء مهامها التي تتجاوزه بكثير كما يتجاوز التاريخ الفاعلين التاريخيين وكما تتجاوز الحقيقة العلمية العلماء التجريبيين...

 

وتأسيسا على ما سبق، يصبح "جهاز استقبال" المؤلف ل"قوة الكتابة" أحد ثلاثة أنواع:  النوع الأول هو المخيلة والنوع الثاني هو الذاكرة و النوع الثالث هو التصوير.

 

ف"المخيلة" هي استشراف للمستقبل وتوق لغد جديد مغاير وموقف مزدوج من الحاضر والماضي قد يصل حد الرفض. وتنشط "المخيلة" وتهيمن على الكتابات الإبداعية في أزمنة ظلم الأجنبي كما فعل  عبد المجيد بنجلون كما تهيمن على الكتابات الإبداعية في أزمنة ظلم ذوي القربى ويمكنك، وأنت كبير المتتبعين لمعاناتي، تصنيفي في هذا الباب. 

 

أما "جهاز الاستقبال" الثاني، وهو الذاكرة، فيشتغل بشكل معكوس عن الطريقة التي تشتغل بها "المخيلة" مادام ينطلق من منظور معاكس لها. فبينما تنجذب "المخيلة" نحو القادم من الأزمنة للإفلات من قبضة  حاضر عائب أو ماض مظلم، تنجذب "الذاكرة" نحو الماضي وتجهد نفسها في تذكر لحظاته الهاربة بأدق تفاصيلها وأحداثها ووجوهها ومحطاتها وأطلالها لتستمد منها القوة والطاقة لتحمُّلِ هذا الحاضر القاسي الموغل في قسوته... 

 

ومن الأنواع السردية المعتمدة على "الذاكرة" في تلمس طريقها نحو الخلاص، اليوميات والمذكرات والسير الذاتية بأنواعها الروائية والمصورة وغيرها. ويعد محمد شكري رائد أدب "الذاكرة"الأول في الإبداع الأدبي المغربي. ولأن أدباء آخرين التحقوا به بعد نجاح  الجزء الأول من سيرته الروائية، اغتنى "أدب الذاكرة" في المغرب إذ التحق به النقد والتنظير الأدبي حيث دعا الروائي والناقد المغربي عبد القادر الشاوي إلى جعل أدب السيرة الذاتية "ديوان المغاربة"...

      

فيما يبقى "جهاز الاستقبال" الثالث،  وهو "التصوير"، رهين الحاضر  وأسير سطوته وجبروته بحيث لا يبقى أمام الكاتب إلا خياران: تمجيد هذا الحاضر أو السخرية منه.  ويعد محمد زفزاف رائد أدب "التصوير"الأول في الإبداع الأدبي المغربي المعاصر.  

 

سؤال: إذا كان محمد شكري ككاتب من كتاب "أدب الذاكرة" اختار النضال ضد الواقع المتردي من خلال العودة إلى "الذاكرة" وتنصيب الذات كشاهد على الأحداث، ألم يكن ذلك الواقع غير الطابوهات المنتصبة في كل مكان في الحياة العربية من الخليج إلى المحيط؟

 

جواب: الطابوهات في الحياة العربية كانت دوما ثلاثا تقابلها على واجهة الرقابة ثلاثا. فالطابوهات الثلاث في جيلها الأول كانت "الجنس، الدين، السياسة" وقد قابلتها ثلاثة أشكال من الرقابات الساهرة على تطبيقها على أرض الواقع وهي:  الرقابة النظامية والرقابة الجماهيرية والرقابة الذاتية.

 

سؤال: هل كان محمد شكري مختصا في مقارعة الطابوهات إبداعيا؟

      

جواب: محمد شكري، خلال كل أعماله، كان يعيد كتابة "الخبز الحافي". لقد ظل محمد شكري أسير الإصدار الأول حيث  تحدد مصيره ككاتب ينهل من خابية الذاكرة والسيرة الذاتية ويحاكي أسلوب ألبيرت كامو في الجمل القصيرة ويصوب سهامه نحو الزاوية الأولى من الطابوهات العربية،  "الجنس".  أما جيل اليوم، فيخوض المعركة الثانية مع الجيل الثاني من الطابوهات تكريسا للحق في الحلم والحب والحرية في مجتمعات تعتبر الحلم تخريفا و الحب ضعفا و الحرية فتنة نائمة ملعون من يوقظها... جيل اليوم هو جيل "حائي" بحكم ثقافة "الربيع العربي" ومواضيعه "الحاءات الثلاث": الحرية المسترجعة والحلم المؤجل والحب الكبير...

 

سؤال: ميزان القوى الإبداعي في كتابات محمد شكري ألم يكن ميالا دائما إلى جهة الهامش على حساب المركز؟

جواب: الهامش عند محمد شكري هو المركز. ففي عالمه لا يوجد شيء عن المركز بل إن المركز عندنا هو الهامش عنده، بينما يصبح المركز عندنا هو الهامش عنده: فالأوروبي الثري عنده هو مجرد شاذ جنسيا، و"المرأة الشريفة" عندنا هي في "الخبز الحافي" مجرد مومس تخون زوجها "اسويلم"، وتظاهرات الوطنيين المغاربة للمطالبة بالاستقلال عنده مجرد حدث عابر غير مفهوم...

      

سؤال: ألم يكن محمد شكري "حائيا"؟ ألم يكن كاتبا مدافعا عن "الحلم" و"الحرية" و"الحب

 

جواب: الحرية، لم يدافع عنها محمد شكري في يوم من الأيام. محمد شكري كان "عنترة" طنجة، لقد كان ينشد خلاصه دون غيره. فبحكم طبقته الاجتماعية ووضعه الوجودي، لم يكن حرا. لقد كان محكوما عليه كباقي مواطنين من طبقته بالتشرد.

 

أما بالنسبة للحب، فلم يكن محمد شكري مستقرا. لقد عاش هائما. ولأنه لم يكن مستقرا، فقد كان مبتغاه الجنس العاري لا الحب والعواطف،  وفقا للقاعدة: الجنس للعابرين والحب للمستقرين...

 

وبالنسبة للحلم، كان محمد شكري يؤمن بأن هذه هي نهاية العالم ولا مجال للحلم بعالم آخر، فلا غد في الأفق. لم يحلم محمد شكري في أي من نصوصه. لقد كان ينام ليرتاح فقط. وحين باغته الحلم مرة كان لذلك الحلم اسما. إنه الجنون ومأواه مستشفى مايوركا بتطوان وطبيبه كتاب "زمن الأخطاء"، الجزء الثاني من سيرته الذاتية.

 

لقد جعل عصر محمد شكري منه مبدعا مناضلا من الجيل الأول الذي اهتم باليقظة بدل الحلم، وبالتيه بدل الحرية، وبالجنس بدل الحب...

 

سؤال: كيف تقيم كتابات محمد شكري السردية عموما؟

 

جواب: قوة محمد شكري وشهرته وذيوع صيته لا ترجع لعفويته في الكتابة والتفكير والتعبير وإنما بسبب وظيفته التاريخية في توسيع حقل الرؤية داخل السرد المغربي ليشمل الهامش أيضا.

             

العودة إلى صفحة الحوارات الأدبية

 

خريطة الموقع

 

دِفَاعًا عَنِ الْقِرَاءَةِ

بَيَانَاتُ أدبية

"الحاءات الثلاث" مضامين الغد

 روايات

 حِوَارَاتٌ مع الرَّيْحَاني

 حِوَارَاتٌ من الشرق والغربٌ

المَكْتَبَةُ الإِلكْتْرُونِيَةُ

درَاسَات سِيميَائِيَةُ للأسماء

رهانات الأغنية العربية

السيرَةُ الذَّاتِيَةُ

أدب الطفل

مجاميع قصصية على الخط

الألبوم المفتوحُ

تقديم أعمال الأصدقاء

مجاميع قصصية مشتركة

ENGLISH

FRANCAIS

الصفحة الرئيسية

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف

saidraihani@hotmail.com

<title>http://www.raihantat.com/arabicversion-interviews2-index.htm</title>

<meta name="description" content=" "في حضرة الصمت والاحتجاج"، سلسلةُ حوارات شاملة من أربعين َ لقاءً صحفياً مع محمد سعيد الريحاني أجراها الشاعر المغربي أنس الفيلالي

<meta name="keywords" content=" "في حضرة الصمت والاحتجاج"، حوارات صحفية، لقاءات صحفية، أدب، فكر، فن، سياسة، محمد سعيد الريحاني، أنس الفيلالي">